النّوائب ولم تستعظم، ولم تزل نوب الأيام تجرّب منه مسوريّا «١» ، وتجرّد حرّا كريما جاء في أوّل السّنة صقرا بدريّا، فكان من تمام برّه بمن سلف إجابة ولده، وإجالة الرّأي فيما يكون سببا لصيانة عزمته وذات يده، فأنعم له بعقيلته الممنّعة، وربيبته التي غدت الشمس منها سافرة مقنّعة، وقال: على الخير والخيرة، وابن أخ كريم وجدع الحلال أنف الغيرة؛ وما أسنى عقدا يكون متولّيه، ومنشئه إحسانا منه ومسنيه، مولى به نظمت عقود الّلآلي، ورقمت بعلمه أعلام الأيّام وذوائب اللّيالي، وسلّمت القضايا به إلى منفّذ أحكامها، ومنيل الفضل لحكّامها، البحر الزّاخر، والنّجم الذي كم ترك الأوّل منه للآخر، والغمام إلا أنه قضت صواعقه على الخصوم، والإمام الذي أجمعت عليه السّنّة ولم تنكر الشّيعة أنه الإمام المعصوم، والعالم الذي ما برحت بروقه تشام، وحقوقه على أهل مصر والشّام، والذي ولّى الظّلم منذ ولي، واعترف ذوو الفضل والفصل في القضاء أنّ أتقاهم تقيّ الدّين وأقضاهم:
قاضي القضاة أبو الحسن ... ببقائه يجلى الحزن
و [هو]«٢» الذي في حكمه ... يجري على أقوى [سنن]«٣» !
طود إذا وازنته ... بالطّود في حكم وزن!
والبحر طيّ ردائه ... قلد «٤» العقود بلا ثمن!
فأضاء المحفل به وبالحاضرين، وقام شعار الدين حتّى قال القائل:
هذه سيوف المجاهدين وهذا سيف المناظرين، وقيل: هذا وقت جود قد حضر، وموضع سرور ينبغي أن يعجّل منه ما ينتظر، فابتدأ السعد محياه الوسيم، وافتتح فقال: