تحصر ويخلّد به في العاقبة شرف الذّكر ويتعجّل به شرف النّعمة؛ وهو النّكاح الذي تشتدّ به الأواصر، وتعتدّ به الموارد لتمثيل أكثر الصّور من أزكى العناصر، وتمتدّ به همم الأبطال لما يستخرجه بحفدة أبنائه من أتمّ قوّة وناصر. وأكمله ما تماثلت في أشرف البيوت العريقة وجوه فخاره، وتقابلت في مطالع السّعود- حيث البدر المنير والشّرف الخطير- مشارق شمومه ومطالع أقماره.
وكان الأبوان في أهل الفخار من جرثومة بسقا، وأرومة تفرّقت فروعها ثم تلاقى منها غصنان واعتنقا، من بيت ما حجبه إلا مواضي الصّفاح، ولا شهبه إلا طلائع الأسنّة في رؤوس الرّماح، ولا سحبه إلا ما يفيض على جنباته من النّفوس أو يفيض من السّماح، ولا سجفه إلا المناقب لولا أن الثّريّا جاذبت ما يعرض في السماء أثناء الوشاح؛ وكان هو الرّاغب إلى عمّه، الخاطب إليه ما لم يكن يخبأ إلا لقسمه، الطّامح بنظره إلى عقيلة الفخار في غرفها، الطّامع بخطبة الشّمس شمس النّهار إلا أنها في بيت شرفها، المتوقّع من كرم عمّه الإجابة التي لحظها بأمله، وتولية يد كريمة لا يعتدل الزمان إلا إذا حملت شمسها في بيت حمله، توقّعا لنسل لا يزال به شرف هذا البيت الكريم موجودا، ونسب إذا عدّ ولد منه الآباء عدّ جدّين سعيدين هذا مسعودا وهذا محمودا، فتلقى قصده بإكرام بوّأه أكناف الشّرف، وأوطأه فرش الكرامة ممتّعا بنعيم التّرف، ابتداعا للكرم المألوف، واتّباعا للسّنّة الشّريفة إذ كان الأقربون أولى بالمعروف.
فتباريا جودا سارع كلّ منهما في أداء حقّه إلى الواجب، وتجاريا إليه ليلحقا شأو أبويهما وكلّ منهما يعلم أنه العين والعين لا ترتفع على الحاجب؛ وأتمّ الجناب الشّرفيّ محمود- أدام الله نعمته بحسن إجابته، ويمن رغبته في أهل عصبته، وأهّل جنوده إلى أن ساروا إلى الهيجاء تحت عصابته- بأن فوّض هذا الأمر إلى أخيه الكبير والد الخاطب، وسكت وقال: هو في التّصرف وعنّي المخاطب، وله الأمر ولولا الشّرف بنسبة الأخوّة إليه لما قلنا: