ما كلّ من طلب المعالي نافذا ... فيها ولا كلّ الرّجال فحولا!
ولما كان الشيخ الإمام شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد ابن الشيخ ...
.... ممّن نظم فودّت الدّرر في أفلاكه لو اتّسقت، وكتب فرقم الطّروس ووشّاها، وغشّاها من زهرات الرّياض ما غشّاها، وحلّ المترجم فسحر عقل كلّ لبيب وخلب لبّه، ووقع على القصد فيه فكأنّه شيء من الغيب خصّ الله به قلبه، وأتى فيه ببدائع ما تساوى ابن الصّيرفيّ ولا ابن [نباتة]«١» عندها بحبّة، وخطب فصدع القلوب، وأجرى ذنوب المدامع من أهل الذّنوب، وحذّر فكانت أسجاعه كألحان إسحاق وسامعه يبكي بأجفان يعقوب؛ كأنّما هو في حلّة الخطابة بدر في غمامة، أو منبره غصن وهو فوقه حمامة، أو بحر وفضائله مثل أمواجه ودرّه يحكي كلامه؛ لو رآه «ابن نباتة» ما أورقت بالفصاحة أعواده، أو «ابن المنيّر» ما رقمت بالبلاغة أبراده، أو «ابن تيميّة» ما حظيت بالجدود أجداده؛ فأراد أن يشرّف قدري، ويعرّف نكري، فطلب الإجازة مني وأنا أحقّ بالأخذ عنه، واستدعى ذلك منّي: وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
فنعم قد استخرت الله تعالى وأجزت له ما يجوز لي تسميعه، وذكرت هنا شيئا من مرويّاتي وأشياخي رحمهم الله وذكرت مصنّفاتي:
إجازة قاصر عن كلّ شيء ... يسير من الرّواية في مفازه:
لمن ملك الفضائل واقتناها ... وجاز مدى العلى سبقا وحازه!
ومن ذلك ما كتب به الشيخ العلّامة شمس الدّين محمد بن الصائغ «٢» على استدعاء لبعض من سأله الإجازة: