يقتدى بهم في القول والعمل، و [ «١» ] الاحتفال من يعتنى بأمره ويحتفل، ولا سيّما من سارت طريقة فضله المثلى في الآفاق سير المثل؛ ولا زال عرف معروفهم على ذوي الفضائل يفوح، وجياد جودهم تغدو في ميدان الإحسان وتروح، ونيل نيلهم يسري إلى القصّاد فيحمد سراه عند الغبوق كما يحمد سراه عند الصّبوح.
هذه المكاتبة إليهم تقريهم سلاما ألطف من النّسيم، وتهدي إليهم ثناء مزاج كاتبه من تسنيم «٢» ، وتبدي لعلومهم الكريمة أن الجناب الكريم، العاليّ، الشّيخيّ، الإماميّ، الفاضليّ، البارعيّ، الأوحديّ، الأكمليّ، البليغيّ، المقدّميّ، الخطيبيّ، البهائيّ، أوحد الفضلاء، فخر العلماء، زين الخطباء، قبلة الأدباء، قدوة البلغاء، صفوة الملوك والسلاطين، خطيب الموصل- أدام الله المسرّة به، ووصل الخير بسببه، ونفع بفوائد فضله وأدبه- ورد علينا بطرابلس المحروسة، فحصلت المسرّة بذلك الورود، وتجدّد بخدمته ما تقدم من وثيق العهود، وأبدى لنا من نظره الفائق الرّقيق، وإنشائه المغني عن نشوة الرّحيق، وكتابته التي هي السّحر الحلال على التّحقيق، ما نزّه الأبصار وشنّف الأسماع، وقطع من فرسان الأدب أسباب الأطماع، فأزال عن القلب الكئيب فكرا، وأخجل من الرّوض الأنيق زهرا، وأخمل من المسك السّحيق عطرا؛ وكيف لا؟ وهو النّفيس الذي جمع فيه قديم الأدب وحديثه، والجليس الذي لا يسأم كلامه ولا يملّ حديثه؛ يا له أديبا ليس فيما يبديه من الأدب تحريف ولا غلط، وفاضلا لو لم يكن بحرا لما كان الدّرّ من فيه يلتقط؛ يمينه وفطنته الكريمتان ذواتا أفنان: فهذه إن رقمت طرسا فروح وريحان، أو بذلت برّا فعينان تجريان، وهذه إن نظمت شعرا