للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فياقوت ومرجان، أو نثرت تبرا فثمين الدّرّ ألوان؛ ما برح الفضلاء إلى لقائه يسارعون، وحقّ لهم أن يسارعوا ومن أبواب معروفه يقتبسون؛ وكيف لا؟

وهو الشّهاب السّاطع، والجليل الذي لم نزل نشير إليه بالأصابع، والنّيل الذي تجري لفراقه من عيون اللّبيب المدامع، والنّزيل الذي ينشده العارف عند وداعه:

بعيشك خبّرني متى أنت راجع

يعرف المحسن إحسانه فينشر له من الثّناء لواء، ويجمل في مدح صفاته ونعوته الإنشاء إن شاء، ويجزل في ذمّ مستحقّ الذّمّ منه الهجاء، فأكرم به مدّاحا وأعظم به هجّاء: العلماء لحضوره يترقّبون، وإليه يتقرّبون، والفضلاء بفضله يعترفون، ومن بحره يغترفون، والأدباء إليه يستبقون، ومنه يقتبسون، والطّلبة بأذيال فضله يتمسّكون، وبنشر أثنيته يتمسّكون، وإخوانه في الله بوجوده يفتخرون، وإلى جوده يفتقرون؛ كلّما عرضت لهم حاجة تمسكوا بإيثاره، وكلّما عاندهم الدّهر سألوه الإمداد بأنصاره، فيجوّد في خدمتهم بيان بنانه، ويجرّد في نصرتهم سيف لسانه.

ثم من قبل أن نبلغ منه الوطر، ومن دون أن يكتفي منه السّمع والبصر، عرفنا أنه قصد التّوجّه إلى البلاد الساحليّة، والأعمال الطّرابلسيّة؛ ليملي على أهلها من فضائله الباهرة الباسقة، وألفاظه التي هي كالدّرر المتناسقة، ويجليهم عرائس الأفكار من أفكاره، ويجنيهم غرائس الأثمار من أشجار علمه، ويريهم البديهة البديعة، والقوافي المجيبة المطيعة.

فليتقدّم الجماعة- أيدهم الله تعالى- بإكرامه إكرام الأهل والأصحاب، وتلقّيه بالبشر والطّلاقة والتّرحاب، وإحلاله من الإحسان محلّا ساميا، وإنزاله من الإفضال منزلا عاليا، والاعتناء الوافر بأمره، واستجلاب بثّ حمده وشكره، والتقاط درر فوائده، واكتساب غرر فرائده، والإصغاء

<<  <  ج: ص:  >  >>