صدقات والده الشهيد- رحمه الله تعالى- وعميم نعمته، العبد الفقير إلى الله تعالى أبو بكر بن محمد بن المكرّم الأنصاريّ الخزرجيّ، فإنه لم يزل مدّة أيّامه مبتهلا بصالح دعواته، متوسّلا إلى الله تعالى بدوام نصره وطول حياته، طائفا عند مقامه الشريف حول بيته الحرام، والمشاعر العظام.
وأحبّ أن يتحفه بأشرف العبادة فلم يجد أجلّ مقدارا ولا أعظم أجرا، من عمرة يعتمرها عنه ويهدي ثوابها لصحائفه الشريفة ويزيد بذلك فخرا، فقام عنه بعمرتين شريفتين اعتمرهما عنه في رمضان، مكملتين بإحرامهما وتلبيتهما، وطوافهما وسعيهما، يتقرّب بذلك إلى أبوابه الشريفة، ويسأل الله تعالى ويسأل صدقاته الشريفة أن ينعم عليه بنصف معلوم صدقة عليه، وبنصفه لأولاده: ليقضي بقيّة عمره في الثلاثة المساجد، ويخصّه بجزيل الدعاء من كلّ راكع وساجد، وأن يكون ذلك مستمرّا عليه مدّة حياته، وعلى ذرّيّته ونسله وعقبه بعد وفاته، لتشمل صدقات مولانا السلطان- خلّد الله تعالى ملكه- الأحياء والأموات، ويطيب لغلمانه في أيامه الشريفة الممات؛ جعل الله تعالى مولانا السلطان وارث الأعمار، وأجرى بدوام أيّامه الشريفة المقدار، وجعل كلمة الملك باقية في عقبه، وبلّغه من النّصر والظّفر والأجر غاية أربه، وجعل أيّامه كلّها مسارّ وبشائر، ودولته تسرّ النّواظر، وسعادته ليس لها آخر، ويهنّئه بما قد أتمّه الله له من ملك والده الشّهيد رحمه الله تعالى:
[أهنّيك]«١» بالملك يا خير من ... أجار البرايا ومن مارها