صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجل
فجعل ضربها بالسوط من باب الظلم لأنها لا تحوجه إلى ذلك؛ ومن ذلك قول امريء القيس:
وأركب في الرّوع خيفانة ... كسا وجهها سعف منتشر
شبه ناصية الفرس بسعف النخلة لطولها، وإذا غطّى الشعر عين الفرس لم يكن كريما.
ومثله قول طرفة يصف ذنب البعير:
كأنّ جناحي مضرحيّ تكنّفا ... حفافيه، شكّافي العسيب بمسرد «١»
فجعل ذنبه كثيفا، طويلا عريضا؛ وإنما توصف النجائب بخفة الذّنب ورقّة الشعر.
ومنها أن يجري في مقاصد المعاني على خلاف المألوف المعروف، وذلك قول جنادة «٢» :
من حبها أتمنّى أن يلاقيني ... من نحو بلدتها ناع فينعاها
لكي يكون فراق لا لقاء له ... وتضمر النفس يأسا ثم تسلاها
فإذا تمنّى المحب للحبيب الموت فماذا عسى أن يتمنّى البغيض لبغيضه؛ وقول الآخر:
ولقد هممت بقتلها من حبّها ... كيما تكون خصيمتي في المحشر
فذكر أن شدّة الحبّ حملته على قتل محبوبته حتّى تخاصمه في الحشر لطلب حقها، وشدّة الحب لا تحمل إلا على الإكرام والبرّ، على أنها قد تكون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute