حروف هذه اللفظة صارت علم وعاد القبح منها حسنا؛ مع أنه لم يتغير شيء من مخارجها، على أن اللام لم تزل فيها وسطا والميم والعين يكتنفانها من جانبيها؛ ولو كانت مخارج الحروف معتبرة في الحسن والقبح لما تغيرت هذه اللفظة بتقديم بعض الحروف وتأخير بعض، وليس ذلك لأن إدخال الحروف من الشّفة إلى الحلق في ملع أعسر من إخراجها من الحلق إلى الشّفة في علم، فإنّ لفظة بلع فيها الباء وهي من حروف الشفة، واللام وهي من وسط اللسان، والعين وهي من حروف الحلق وهي غير مكروهة.
قال في «المثل السائر» : ولربما اعترض بعض الجهال بأن الاستثقال في لفظ مستشزرات إنما هو لطولها وليس كذلك، فإنا لو حذفنا منها الألف والتاء وقلنا مستشزر لكان ثقيلا أيضا، لأن الشين قبلها تاء وبعدها زاي؛ فثقل النطق بها؛ نعم لو أبدلنا من الزاي راء ومن الراء فاء فقلنا مستشرف لزال ذلك؛ ومن ثمّ ظهر لك أن اعتبار ابن سنان «١» تركيب الكلمة من أقل «٢» الأوزان تركيبا غير معتبر، وقد ورد في القرآن العظيم ألفاظ طوال لا شكّ في حسنها وفصاحتها كقوله تعالى:
«٤» فإن لفظ فسيكفيكهم مركب من تسعة أحرف، ولفظ ليستخلفنهم مركب من عشرة أحرف، ولفظ مستشزرات مركب من ثمانية أحرف. قال: والأصل في هذا الباب أن الأصول لا تحسن إلا من الثلاثيّ وفي بعض الرّباعيّ، كقولك عذب وعسجد، فالأولى ثلاثيّة، والثانية رباعيّة؛ أما الخماسيّ من الأصول فإنه