ثم إن الحسبة حفظة الأموال، وحملة الأثقال، والنّقلة الأثبات، والسّفرة الثّقات، وأعلام الإنصاف والانتصاف، والشهود المقانع في الاختلاف، «٢» ومنهم المستوفي الذي هو يد السلطان، وقطب الديوان، وقسطاس الأعمال، والمهيمن على العمّال، وإليه المآل في السّلم والهرج، وعليه المدار في الدّخل والخرج، وبه مناط الضّرّ والنّفع، وفي يده رباط الإعطاء والمنع، ولولا قلم الحسّاب، لاودت ثمرة الاكتساب، ولا تّصل التّغابن إلى يوم الحساب، ولكان نظام المعاملات محلولا، وجرح الظّلامات مطلولا، وجيد التناصف مغلولا، وسيف التظالم مسلولا. على أنّ يراع الإنشاء متقوّل، ويراع الحساب متأوّل، والحاسب مناقش، والمنشىء أبو براقش، ولكليهما حمة «٣» حين يرقى، إلى أن يلقى ويرقى، وإعنات فيما ينشا، حتى يغشى ويرشى إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ
«٤» » .
قلت: وقد أوردت في المقامة «٥» التي أنشأتها في كتابة الإنشاء المشار إليها بالذكر في خطبة هذا الكتاب من فضل الكتابة ما يشدو بذكره المترنّم، وأودعتها من شرف الكتّاب ما يذعن له الخصم ويسلّم.