للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعصبين قد رجّح كتابة الأموال على كتابة الإنشاء بمغالطات أوردها، وتزويرات زخرفها ونمّقها، لا تخفى على متأمل، ولا تتغطّى على ذي ذهن سليم.

وقد أورد الحريريّ في «المقامة الثانية والعشرين» المعروفة بالفراتّية ألفاظا قلائل في المفاخرة بين كتابتي الإنشاء والأموال، فقال على لسان أبي زيد السروجي: «١» .

«إعلموا أن صناعة الإنشاء أرفع، وصناعة الحساب أنفع، وقلم المكاتبة خاطب، وقلم المحاسبة حاطب، وأساطير البلاغة تنسخ لتدرس، ودساتير الحسبانات تنسخ وتدرس، والمنشىء جهينة «٢» الأخبار، وحقيبة الأسرار، ونجيّ العظماء، وكبير النّدماء، وقلمه لسان الدولة، وفارس الجولة: ولقمان الحكمة، وترجمان الهمّة، وهو البشير والنذير، والشفيع والسفير؛ به تستخلص الصّياصي «٣» ، وتملك النّواصي، ويقتاد العاصي، ويستدنى القاصي؛ وصاحبه برىء من التّبعات، آمن كيد السّعات، مقرّظ بين الجماعات، غير معرّض لنظم الجماعات «٤» .

ثم عقب كلامه بأن قال:

«إلا أن صناعة الحساب موضوعة على التحقيق، وصناعة الإنشاء مبنيّة على التلفيق، وقلم الحاسب ضابط، وقلم المنشىء خابط؛ وبين إتاوة توظيف المعاملات، وتلاوة طوامير السّجلّات، بون لا يدركه قياس، ولا يعتوره

<<  <  ج: ص:  >  >>