للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: قل له: وما تبتغى منا؟ فقال ذلك أبو بكر.

قلت: تكتب لى كتابا يكون آية بينى وبينك. قال: اكتب له يا أبا بكر.

ثم ألقاه إلىّ، فأخذته، فجعلته فى كنانتى، ثم رجعت، فسكت فلم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرغ من حنين والطائف، خرجت ومعى الكتاب لألقاه، فرفعت يدى بالكتاب، ثم قلت: يا رسول الله، هذا كتابك لى، أنا سراقة بن جعشم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم وفاء وبر، ادنه، فدنوت منه فأسلمت.

ويقول رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، كنا نخرج إذا صلينا الصبح، إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فو الله لا نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال، فإذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك فى أيام حارة، حتى إذا كان اليوم الذى قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلسنا كما كنا نجلس، حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت، فكان أول من رآه رجل من اليهود، فصرخ بأعلى صوته: يا بنى قيلة «١» ، هذا جدكم قد جاء. فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو فى ظل نخلة، ومعه أبو بكر رضى الله عنه فى مثل سنه، وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وركبه الناس- وما يعرفونه من أبى بكر- حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أبو بكر وأظله بردائه، فعرفناه عند ذلك.

فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن هدم، أخى بنى عمرو ابن عوف.


(١) قيله: هم الأنصار، وقيلة إخوة كانت لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>