بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج وكلاهما، كان نقيبا. فأما المنذر فأعجز القوم وأما سعد فأخذوه، فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه، ويجذبونه بجمته، وكان ذا شعر كثير.
٥١- الهجرة إلى المدينة
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له فى الحرب، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى، والصفح عن الجاهل.
وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم، فهم من بين مفتون فى دينه ومن بين معذب فى أيديهم، ومن بين هارب فى البلاد فرارا منهم، منهم من بأرض الحبشة، ومنهم من بالمدينة، وفى كل وجه. فلما عتت قريش على الله عزوجل، وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة، وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم، وعذبوا ونفوا من عبده، ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه، أذن الله عزوجل لرسوله صلى الله عليه وسلم فى القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليه.
فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم فى الحرب، وبايعه هذا الحى من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه، وأوى إليهم من المسلمين، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه، ومن معه بمكة من المسلمين، بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها، واللحوق بإخوانهم من الأنصار، وقال: إن الله عزوجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها.
فخرجوا أرسالا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه فى الخروج من مكة، والهجرة إلى المدينة.