هى أيضا مثل الفواتح فى الحسن، لأنها آخر ما يقرع الأسماء. فلهذا جاءت متضمنة للمعانى البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام، حتى لا يبقى معه للنفوس تشوّف إلى ما يذكر بعد، لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض، وتحميد وتهليل ومواعظ، ووعد ووعيد إلى غير ذلك، كتفصيل جملة المطلوب فى خاتمة الفاتحة، إذ المطلوب الأعلى الإيمان المحفوظ من المعاصى المسببة لغضب اللَّه والضلال، ففصل جملة ذلك بقوله: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ والمراد المؤمنون، ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيده ليتناول كل إنعام، لأن من أنعم اللَّه عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم اللَّه عليه بكل نعمة مستتبعة لجميع النعم. ثم وصفهم بقوله:
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ يعنى أنهم جمعوا بين النعم المطلقة، وهى نعمة الإيمان، وبين السلامة من غضب اللَّه تعالى والضلال المسببين عن معاصيه وتعدّى حدوده.
وكالدعاء الذى اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة.
وكالوصايا التى ختمت بها سورة آل عمران:
والفرائض التى ختمت بها سورة النساء، وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذى هو آخر أمر كل حىّ، ولأنها آخر ما نزل من الأحكام.
وكالتبجيل والتعظيم الذى ختمت به المائدة.
وكالوعد والوعيد الذى ختمت به الأنعام.
وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذى ختمت بها الأعراف.
وكالحض على الجهاد، وصلة الأرحام الذى ختم به الأنفال.