والمراد به ما يوهم التعارض بين الآيات، وكلامه تعالى منزّه عن ذلك كما قال تعالى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ولكن قد يقع للمبتدىء ما يوهم اختلافا وليس به فى الحقيقة فاحتيج لإزالته.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: رأيت أشياء تختلف علىّ من القرآن، فقال ابن عباس: ما هو؟ أشك؟ قال: ليس بشك، ولكنه اختلاف، وقال: هات ما اختلف عليك من ذلك، قال: أسمع اللَّه يقول: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، وقال: وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً فقد كتموا، وأسمعه يقول:، فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ ثم قال: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ، وقال: أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ حتى بلغ: طائِعِينَ. ثم قال فى الآية الأخرى: أَمِ السَّماءُ بَناها، ثم قال: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها، وأسمعه يقول: وَكانَ اللَّهُ ما شأنه يقول وكان اللَّه؟
فقال ابن عباس: أما قوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن اللَّه يفغر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم، فقالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فختم اللَّه على أفواهم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فعند ذلك: يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً.
وأما قوله: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ فإنه إذا نفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض، إلا من شاء، فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.