قد بعثوا إلى بنى النضير: أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله فى قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، ففعل.
فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن عتبة بابه فيضعه على ظهر بعيره، فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام. وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار. إلا أن سهل بن حنيف، وأبا دجانة سماك بن خرشة، ذكرا فقرا، فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يسلم من بنى النضير إلا رجلان، يأمين بن عمير، أبو كعب ابن عمرو بن جحاش، وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما، فأحرزاها.
٧٢- غزوة ذات الرقاع
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بنى النضير، شهر ربيع الآخر وبعض جمادى، ثم غزا نجدا يريد بنى محارب وبنى ثعلبة من غطفان، واستعمل على المدينة أباذر الغفارى، حتى نزل نخلا «١» ، وهى غزوة ذات الرقاع، وإنما قيل لها: غزوة ذات الرقاع، لأنهم رقعوا فيها راياتهم. فلقى بها جمعا عظيما من غطفان، فتقارب الناس، ولم تكن بينهم حرب، وقد خاف الناس