ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التى خرج بها، واشترى ما أراد أن يشترى، ثم أقبل قافلا إلى مكة، ومعه ميسرة.
فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف.
وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، يلتقى نسبها مع نسبه فى جده الأعلى قصى، كما يلتقى نسبها مع نسب أمه فى كلاب بن مرة مع ما أراد الله بها من كرامته. فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا بن عم، إنى قد رغبت فيك لقرابتك وشرفك فى قومك، وأمانتك وحسن خلقك، وصدق حديثك.
ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهن شرفا، وأكثرهن مالا، كل قومها كان حريصا على ذلك منها، لو يقدر عليه.
١٧- خلاف قريش فى بنيان الكعبة
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة، اجتمعت قريش لبنيان الكعبة، وكانوا يهمون بذلك ليقفوها، ويهابون هدمها.
وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت، فأخذوا خشبها، فأعدوه لتسقيفها. وكان بمكة رجل قبطى نجار، فتهيأ لهم فى أنفسهم بعض ما يصلحها.
فلما أجمعوا أمرهم فى هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم، فقال: يا معشر قريش، لا تدخلوا فى بنائها من كسبكم (م ٣- الموسوعة القرآنية- ج ١)