للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠- كتابة المصحف وطبعه

ولقد مر بك كيف كان الوحى يكتب، وعلى أى شىء كان يكتب، ثم: من كانوا كتابه.

ومر بك أيضا كيف جمعه أبو بكر وعمر، ثم كيف كتب عثمان مصحفه الإمام، وأرسل منه مصاحف أربعة إلى الأمصار: مكة. والبصرة. والكوفة، والشام، وأنه أبقى اثنين آخرين فى المدينة، اختص نفسه بواحد منهما.

ومنذ أن دخلت هذه المصاحف الأمصار أقبل المسلمون ينسخونها، ولقد نسخوا منها عددا كثيرا لا شك فى ذلك.

فنحن نقرأ للمسعودى وهو يتكلم على وقعة صفّين، التى كانت بين علىّ ومعاوية، وما أشار به عمرو ابن العاص من رفع المصاحف، حين أحسّ ظهور «علىّ» عليه: «ورفع من عسكر معاوية نحو من خمسمائة مصحف «١» » .

وما نظن هذا العدد الذى رفع من المصاحف فى معسكر معاوية كان كل ما يملكه المسلمون حينذاك.

والذى نظنه أنه كان بين أيدى المسلمين ما يربى على هذا العدد بكثير، هذا ولم يكن قد مضى على كتابة عثمان لمصحفه الإمام، وإرساله إلى الأمصار، ما يزيد على سنين سبع.

والجديد الذى نحب أن نسوقه هنا نقلا عمن نظروا فى نشأة الخط العربى «٢» : أن العرب كانوا قبيل الإسلام يكتبون بالخط الحيرىّ- نسبة إلى الحيرة- ثم سمى هذا الخط بعد الإسلام بالخط الكوفى.

وهذا الخط الكوفى فرع- كما يقولون- من الخط السّريانى، وأنه على الأخص طور من أطوار قلم للسّريان كانوا يسمونه «السّطر نجيلى» ، وكان السريان يكتبون به الكتاب المقدّس، وعن السريان انتقل إلى العرب قبل الإسلام، ثم كان منه الخط الكوفى، كما سبق القول.

ولقد كان للعرب إلى جانب هذا القلم الكوفى قلم نبطى، انتقل إليهم من حوران مع رحلاتهم إلى الشام، وعاش العرب ولهم هذان القلمان: الكوفى والنّبطىّ، يستخدمون الكوفى لكتابة القرآن، ويستخدمون النّبطىّ فى شئون أخرى.

وبالخط الكوفى كانت كتابة المصاحف، غير أنه كان أشكالا، واستمر ذلك إلى القرن الخامس


(١) مروج الذهب (٢: ٢٠) .
(٢) كشف الظنون (١: ٧١٠- ٧١٤) فهرست ابن النديم (٢٤- ٢٦) الخط العربى لخليل نامى.
تاريخ الخط العربى لمحمد طاهر الكردى. (وانظر: الخط العربى والمصاحف. كلمة تقديم قبل للباب الثالث من هذا المجلد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>