فلما قدم عمير مكة، أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذى من خالفه أذى شديدا، فأسلم على يديه ناس كثير.
وأسر من المشركين من قريش يوم بدر ثلاثة وأربعون رجلا.
٦٢- غزوة السويق
ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق فى ذى الحجة، وكان أبو سفيان حين رجع إلى مكة، ورجع فل «١» قريش من بدر، نذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم، فخرج فى مائتى راكب من قريش، ليبر يمينه، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له: ثيب، من المدينة على بريد أو نحوه، ثم خرج من الليل، حتى أتى بنى النضير تحت الليل، فأتى حيى بن أخطب، فضرب عليه بابه، فأبى أن يفتح له بابه وخافه، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بنى النضير فى زمانه ذلك، وصاحب كنزهم، فاستأذن عليه، فأذن له، فقراه وسقاه، وأعلمه من خبر الناس. ثم خرج فى عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالا من قريش إلى المدينة، فأتوا ناحية منها، يقال لها: العريض، فحرقوا فى أصوار- جماعة من نخل بها- ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له فى حرث لهما، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبهم، واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر، وهو أبو لبابة، حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم انصرف راجعا، قد فاته أبو سفيان- وأصحابه، وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها فى الحرث، يتخففون منها للنجاة.
فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أتطمع أن تكون لنا غزوة؟ قال: نعم.