٦- لتعدد المتعلق، كما فى قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الرحمن: ١٣.
وما بعدها، فإنها وإن تعددت فكل واحد منها متعلق بما قبله.
[(٣٨) تنجيم القرآن، أى نزوله منجما:]
فيما بين السابع عشر من رمضان- من السنة الحادية والأربعين من ميلاد الرسول، وكان بدء نزول الوحى، وإلى ما قبل موته صلّى الله عليه وسلم، بأيام لا تجاوز الواحد والثمانين ولا تنقص عن العشرة، وكان آخر ما نزل من الوحى، أى فى نحو من إحدى وعشرين سنة، أو على الأصح فى نحو من ثمانى عشرة سنة، بإسقاط المدة التى فتر فيها الوحى والتى بلغت ثلاث سنين- نزل هذا القرآن منجما يشرع للناس. ويتابع الأحداث، ويجيب وببين وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ الفرقان: ٣٣ وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا الإسراء: ١٠٦.
وما كانت حكمة السماء تقضى إلا بهذا مع أمة يراد لها أولا التحول من عقائد إلى عقيدة، والخروج من وثنية إلى دين، ومن أوهام وظنون إلى منطق وحق، ومن لا إيمان إلى إيمان.
تلك خطوة أولى كان من الحكمة أن تبدأ بها الدعوة وتفرغ لها، حتى إذا ما ضمت الناس على الطريق أخذتهم بما تحمى إيمانهم به، فحاطتهم بعبادات وألزمتهم بواجبات، والناس لا يمضون فيما جد عليهم خرسا لا ينطقون، وعميا لا ينظرون.
وغفلا لا يتدبرون، فهم مع هذا كله سائلون يتبينون، والوحى يتابعهم فى كل ما فيه يستفسرون. إذ به تمام الرسالة.
ثم إن هذه الدعوة السماوية بدأت جهادا وعاشت جهادا، أملته الأيام وتمخضت عنه الأعوام، وهو وإن كان فى علم السماء قبل أن يقع لكنه كان على علم الناس جديدا لم يقع، وكان لا بد أن يلقنوه مع زمانه وأوانه.