الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأخذت بأيديهما فانطلقت بهما إلى النبى صلى الله عليه وسلم. فقلت: استقرئ هذين، فاستقرأ أحدهما. فقال: أحسنت. ثم استقرأ الآخر، فقال: أحسنت.
ويقول ابن قتيبة:«ولو أن كل فريق من هؤلاء أمر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا لا شتدّ ذلك عليه، وعمّت المحنة فيه، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للسان، وقطع للعادة «١» » .
١٦- القراء
ولقد كانت كتابة المصحف بلغة قريش، أو بحرف قريش، بذلك أمر عثمان زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزّبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهم ينسخون المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شىء فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم.
وأرسل عثمان المصاحف إلى الأمصار، وأخذ كلّ أهل مصر يقرءون بما فى مصحفهم، يتلقّون ما فيه عن الصحابة الذين تلقّوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا بذلك مقام الصحابة الذين تلقّوه عن النّبى صلى الله عليه وسلم، فكان بالمدينة نفر، منهم: ابن المسيّب، ومعاذ بن الحارث، وشهاب الزّهرى، وكان بمكة نفر، منهم: عطاء، وطاووس، وعكرمة، وبالكوفة نفر، منهم: علقمة، والشّعبى، وسعيد بن جبير، وبالبصرة نفر، منهم: الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وبالشام نفر، منهم: المغيرة بن أبى شهاب المخزومى، صاحب عثمان بن عفان.
ثم تجرد قوم للقراءة واعتنوا بضبطها أتمّ عناية حتى صاروا فى ذلك أئمة يقتدى بهم، ويرحل إليهم.
ويؤخذ عنهم، وأجمع أهل بلدهم على تلقى قراءتهم بالقبول، ولم يختلف عليهم فيها أثنان، ولتصدّيهم للقراءة نسبت إليهم.
فكان بالمدينة نفر، منهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم نافع بن أبى نعيم.
وكان بمكة نفر، منهم: عبد الله بن كثير، ومحمد بن محيصن.
وكان بالكوفة نفر، منهم: سليمان الأعمش، ثم حمزة، ثم الكسائى.
وكان بالبصرة نفر، منهم: عيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء.