المعجزة: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدى، سالم عن المعارضة.
وهى: إما حسيّة أو عقلية.
وأكثر معجزات من سبق من الأنبياء حسية، ومعجزة هذه الأمة عقلية، ولأن هذه شريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية، ليراها ذوو البصائر، كما
قال صلّى اللَّه عليه وسلم «ما من الأنبياء نبىّ إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه اللَّه إلىّ، فأرجو أن أكون اكثرهم تابعا» .
قيل: إن معناه: إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، فلم يشاهدها إلا من حضرها، ومعجزة القران مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه العادة فى أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمرّ عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شىء مما أخبر به أنه سيكون، يدل على صحة دعواه.
وقيل: المعنى: أن المعجزات النواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار، كناقة صالح، وعصا موسى، ومعجزات القرآن تشاهد بالبصيرة، فيكون من يتبعه لأجلها أكثر، لأن الذى يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذى يشاهد بعين العقل باق يشاهد كل من جاء بعد الأول مستمرّا.
ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب اللَّه تعالى معجز لم يقدر أحد على معارضته بعد تحديثهم بذلك، قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه، ولا يكون حجة إلا وهو معجزة. وقال تعالى: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ فأخبره أن الكتاب آيات من آياته كاف فى الدلالة قائم مقام معجزات غيره، وآيات من سواه من الأنبياء.