وأصبح يطلق على هذه الأجزاء الثلاثين اسم ريعة. والرّيعة فى اللغة: الصندوق أو الوعاء من جلد.
ولعل تسمية الأجزاء الثلاثين بهذا الاسم جاءت من إطلاق المحلّ على الحال فيه.
ولكن هذا التيسير الأخير جر إلى تيسير آخر يتصل به، وما نشك فى أن الدافع إليه كان التيسير هنا على الحافظين، بعد أن كان التيسير قبل على القارئين، وفرق بين أن تيسّر على قارئ وبين أن تيسر على حافظ.
من أجل هذه فيما نظن كان تقسيم الأجزاء الثلاثين إلى أحزاب، كل جزء ينقسم إلى حزبين، ثم تقسيم الحزب إلى أرباع، كل حزب ينقسم إلى أربعة أرباع.
وعلى هذا التقسيم الأخير طبعت المصاحف، واعتمد هذا التقسيم على الجانب الراجح بين القراء فى عدد الآيات، فأنت تعلم هذا الخلاف الذى بينهم:
فالمدنيون الأول يعدون آيات القرآن ٦٠٠٠ آية والمدنيون المتأخرون يعدون آيات القرآن ٦١٢٤ آية والمكيون المتأخرون يعدون آيات القرآن ٦٢١٩ آية والكوفيون يعدون آيات القرآن ٦٢٦٣ آية والبصريون يعدون آيات القرآن ٦٢٠٤ آية والشاميون يعدون آيات القرآن ٦٢٢٥ آية وفى هذا الخلاف كان ثمة ترجيح، وثمة اتفاق وثمة تغليب. وقد انبرى لهذا «السّفاقسى» فى كتابه «غيث النفع» . ولقد اعتمد السفاقسى على رجلين سبقاه فى هذه الصناعة، هما: أبو العباس أحمد بن محمد بن أبى بكر القسطلانى فى كتابه «لطائف الإشارات فى علم القراءات» ، والقادرى محمد، وكتابه «مسعف المقرئين معبين المشتغلين بمعرفة الوقف والابتداء» ، وانتهى إلى الرأى الراجح أو المتّفق عليه، وبهذا أخذ الذين أشرفوا على طبع المصحف طبعته الأخيرة فى مصر، وخرج يحمل الإشارات الجانبية الدالّة على مكان الأجزاء والأحزاب وأرباع الأحزاب.
٢٢- الناسخ والمنسوخ:
النسخ، لغة: إبطال الشىء ورفعه، والمتكلمون عن النسخ فى القرآن يجعلونه على ثلاثة أضرب:
١- ما نسخ خطه وحكمه، ويروون فى ذلك عن أنس أنه قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى