اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقا وأبعدها مخرجا تنوّع العرب فى تحقيقه بأنواع التخفيف، وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم تخفيفا، ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم.
وعن ابن عمر قال: ما همز رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر.
ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.
وعن أبى ذرّ قال:«جاء أعرابىّ إلى رسول اللَّه، صلّى اللَّه عليه وسلم فقال: يا نبىء اللَّه، فقال: لست بنبىء اللَّه، ولكنى نبىّ اللَّه» .
وأحكام الهمز كثيرة لا يحصيها أقل من مجلد، وتحقيقه أربعة أنواع:
أحدها: النقل لحركته إلى الساكن قبله فيسقط (قد أفلح) بفتح الدال، وذلك حيث كان الساكن صحيحا آخرا والهمزة أولا.
ثانيها: الإبدال، أن تبدل الهمز الساكنة حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها، فتبدل ألفا بعد الفتح، نحو: وَأْمُرْ أَهْلَكَ، وواوا بعد الضم، نحو: يؤمنون، وياء بعد الكسر، نحو: جيت، وسواء كانت الهمز فاء، أم عينا، أم لا ما، إلا أن يكون سكونها جزما، نحو:(ننساها) أو يكون ترك الهمز فيه أثقل، وهو: تُؤْوِي إِلَيْكَ، فى الأحزاب، أو يوقع فى الالتباس، وهو: رِءْياً، فى مريم، فإن تحركت فلا خلاف عنه فى التحقيق، نحو:(يئوده) .
ثالثها: التسهيل بينها وبين حركتها، فإن اتفق الهمزتان فى الفتح سهلت الثانية. أو أبدلت ألفا وإن اختلفا بالفتح والكسر سهلت أو أدخلت قبلها ألف، أو خففت.
رابعها: الإسقاط بلا نقل، وبه قرأ أبو عمرو، إذا اتفقا فى الحركة وكانا فى كلمتين، فإن اتفقا كسر، نحو: هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ، جعلت الثانية كياء ساكنة، أو مكسورة، أو أسقطت، أو حققت. وإن اتفقا فتحا، نحو: جاءَ أَجَلُهُمْ جعلت الثانية كمدة، أو أسقطت، أو حققت. وإن اتفقا ضما، وهو: أَوْلِياءُ أُولئِكَ.
أسقطت، أو جعلت كواو مضمومة، أو جعلت الثانية كواو ساكنة، أو حققت.