للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥- كتاب المصحف

كان «المسند» - هو الخط الحميرى، الذى كان مستعملا فى الأنبار والحيرة- المرحلة الثالثة من المراحل التى جازها الخط العربى، فلقد سبقته فى سلّم التّرقّى مرحلتان: المرحلة المصرية بفروعها الثلاثة: الهير وغليفية، والهيراطيقية، والديموطيقية، والمرحلة الفينيقية، نسبة إلى فينيقية، أرض كنعان.

ومن الحيرة انتقل هذا الخط «المسند» إلى الجزيرة العربية، وكان أقدم خط عرف بها، وسمى مع انتقاله «الجزم» ، لأنه جزم، أى قطع من «المسند» .

وبعد بناء الكوفة، فى عهد عمر بن الخطاب، سمى هذا الخط «المسند» : الخطّ الكوفى، نسبة إليها، وما إن عمرت الكوفة حتى رحلت إليها القبائل، وكان من بين القبائل الراحلة قبائل يمنية، وكان من بينها من يكتب بالخط المسند، فسرعان ما انتشر هذا الخط بين الكوفيين، وجوّدوا فيه، وأضافوا إليه حليات وزخرفات على شاكلة تلك التى كانت فى الخط السريانى المعروف باسم: «السطرنجيلى» .

وحين انتهى الخط الكوفى إلى الحجاز كان بين مقوّر ومبسوط، وسمى الخط المقوّر باسم «اللين» ، أو «النسخى» ، وهو ما تكون عراقاته منخسفة إلى أسفل، وشاع استخدام هذا النوع من الخط فى الرقاع، والمراسلات، والكتابات العامة.

أما الخط «المبسوط» ، وهو ما يعرف باسم «اليابس» ، فلقد كانت عراقاته مبسوطة، وقصر استخدام هذا النوع من الخط على النقش فى المحارب، وأبواب المساجد والمعابد وجدرانها، وعلى كتابة المصاحف الكبيرة.

وكان كتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم يكتبون بالخط المقور «النسخى» ، وبهذا الخط كتب زيد بن ثابت- رضى الله عنه- صحف القرآن فى خلافة أبى بكر بأمره وإشارة عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما.

ويتبين لك الفرق بين الخطين واضحا فى تلك الصور الثلاث: فالصورتان الأولى والثانية تمثلان خطا بين بعث أولهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس [ش: ١] ، وبعث ثانيهما إلى المنذر بن سارى [ش: ٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>