ولما قدم عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبى ربيعة على قريش، ولم يدركا ما طلبا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردهما النجاشى بما يكرهون، وأسلم عمر بن الخطاب- وكان رجلا ذا شكيمة لابرام ما وراء ظهره- امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة، حتى غلبوا قريشا.
وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة.
وتقول أم عبد الله بنت أبى حثمة: والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر زوجى فى بعض حاجاتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علىّ وهو على شركه- وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا- فقال:
إنه للانطلاق يا أم عبد الله! قلت: نعم، والله لنخرجن فى أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله مخرجا. فقال: صحبكم الله. ورأيت له رقة لم أكن أراها. ثم انصرف وقد أحزنه خروجنا.
فجاء عامر بحاجته تلك فقلت له: يا أبا عبد الله. لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا! قال: أطمعت فى إسلامه؟ قلت: نعم. قال: فلا يسلم الذى رأيت حتى يسلم حمار الخطاب..... يأسا منه، لما كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام.
وكانت أخته فاطمة بنت الخطاب، عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت قد أسلمت، وأسلم بعدها سعيد بن زيد، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر.