لا خلاف فى وقوع الحقائق فى القرآن، وهى كل لفظ يقع على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير، وهذا أكثر الكلام.
وأما المجاز فالجمهور أيضا على وقوعه فيه، وأنكره جماعة.
وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزّه عنه، وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على اللَّه تعالى.
وهذه شبهة باطلة، ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو وجب خلوّ القرآن من المجاز وجب خلوّه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها.
[والمجاز فى القرآن قسمان]
: الأول: المجاز فى التركيب، ويسمى مجاز الإسناد. والمجاز العقلى وعلاقته الملابسة، وذلك أن يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسته له، كقوله تعالى: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً نسبت الزيادة، وهى فعل اللَّه، إلى الآيات، لكونها سببا لها، وهذا القسم أربعة أنواع:
أحدها: ما طرفاه حقيقتان، نحو: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها.
ثانيها: مجازيان، نحو: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ أى ما ربحوا فيها، وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز.
ثالثها، ورابعها: ما أحد طرفيه حقيقى دون الآخر.
أما الأول أو الثانى. كقوله: أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً، أى برهانا.
القسم الثانى: المجاز فى المفرد، ويسمى المجاز اللغوى، وهو استعمال اللفظ فى غير ما وضع له أولا، وأنواعه كثيرة: