وتعاقدوا على القيام فى الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أول من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبى أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم؟
والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
قال أبو جهل، وكان فى ناحية المسجد: كذبت والله لا تشق. قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حيث كتبت. قال أبو البخترى: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به. قال المطعم بن عدى: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كتب فيها. وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك. فقال أبو جهل: هذا أمر قضى بليل، تشوور فيه بغير هذا المكان.
وأبو طالب جالس فى ناحية المسجد، فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا «باسمك اللهم» .
٤٥- إسلام الطفيل بن عمرو
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما يرى من قومه، ببذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه، وجعلت قريش، حين منعه الله منهم، يحذرون الناس ومن قدم عليهم من العرب.
وكان الطفيل بن عمرو الدوسى يحدث أنه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا، فقالوا له: يا طفيل، إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل