للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر شهرا، ونزلت آية اتخاذ مقام إبراهيم مصلّى حين سأل عمر الرسول فى ذلك، كذلك كانت الحال فى الحجاب، وأسرى بدر، وغير ذلك كثير، فكان القرآن ينزل بحسب الحاجة خمس آيات وعشر آيات، وأكثر وأقل، وقد صح نزول عشر آيات فى قصة الإفك جملة، كما صح نزول عشر آيات من أول «المؤمنون» جملة، وصح نزول غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ «١» ، وحدها وهى بعض آية، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً «٢» إلى آخر الآية، وهى بعض آية، نزلت بعد نزول أول الآية.

٩- نزول القرآن على سبعة أحرف

وهذا الوحى ألهم الرسول معناه كما ألهم لفظه، فهو بمعناه ولفظه من صنع السماء، والرسول ناطق بلسان السماء، يملى على قومه ما أملته السماء عليه، وبصوّر ما تصوّر فى وعيه، وينطق بما أنطقته السماء، تفيض عليه السماء. فإذا هو قد خلص لهذا الفيض بكليّاته، وإذا هو إشعاع لهذا الفيض يصدر عنه ويشكّل جرسه، فإذا ما انفصل عنه هذا الفيض عاد يصدر عن نفسه يطوع له نطقه.

ولسان الرسول عربى، ولهذا جرى القرآن على لسانه عربيّا، يمثّل أعلى ما ينتظمه اللسان العربى من لغات، وأحوى ما يجمع من لهجات، وكانت لغة مضر أعلى ما يجرى على لسان قريش وأحواه، فنزل بها القرآن، وفى هذا يقول عمر: نزل القرآن بلغة مضر: وكانت لغة مضر هذه تنتظم لغات سبعا لقبائل سبع، هم: هذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرّباب، وأسد بن خزيمة، وقريش.

ولقد مثّل القرآن هذه اللغات السبع كلها مفرّقة فيه. لكل لغة منه نصيب. وهو أولى الأقوال بتفسير

الحديث «نزل القرآن على سبعة أحرف» .

١٠- اسم كتاب الله

ولقد سمى الله ما أنزله على رسوله: قرآنا، وكتابا، وكلاما، وفرقانا، وذكرا، وقولا.

وكان أكثر هذه الأسماء دورانا هو لفظ القرآن، فقد جاء فى نحو سبعين آية، وكان فيها صريحا فى اسميته ومدلوله الخاص. من أجل ذلك كتبت لهذا اللفظ الغلبة على غيرها، وصارت الاسم الغالب


(١) النساء: ٩٥.
(٢) التوبة: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>