الجنة أصلا، وليس للغاية هنا مفهوم، ووجه التأكيد فيه كدعوى الشىء ببينة، لأنه جعل ولوج الجمل فى السم غاية لنفى دخولهم الجنة، وتلك غاية لا توجد، فلا يزال دخولهم الجنة منتفيا.
[(٤٦) الحذف:]
إسقاط جزء الكلام أو كله لدليل، وهو خلاف الأصل، لذا فإنه إذا دار الأمر بين الحذف وعدمه كان الحمل على عدمه أولى، لأن الأصل عدم التغيير، وإذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته كان الحمل على قلته أولى.
ولا بد للحذف من دليل، والدليل تارة يدل على محذوف مطلق، وتارة على محذوف معين ومن أدلة الحذف:
١- أن يدل عليه العقل حيث تستحيل صحة الكلام عقلا إلا بتقدير محذوف، كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ يوسف: ٨٢ فإنه يستحيل عقلا تكلم الأمكنة إلا بمعجزة.
٢- أن تدل عليه العادة الشرعية، كقوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ النحل: ١١٥، فإن الذات لا تتصف بالحل والحرمة شرعا، إنما هما من صفات الأفعال الواقعة على الذوات، فعلم أن المحذوف التناول، ولكنه لما حذف وأقيمت الميتة مقامه أسند إليها الفعل وقطع النظر عنه.
٣- أن يدل العقل على الحذف والتعيين، كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ الفجر:
٢٢، أى أمره أو عذابه وملائكته، لأن العقل دل على أصل الحذف، ولاستحالة مجىء البارى عقلا، لأن المجىء من سمات الحدوث، ودل العقل أيضا على التعيين، وهو الأمر ونحوه.
٤- أن يدل العقل على أصل الحذف، وتدل عادة الناس تعيين المحذوف، كقوله تعالى: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ يوسف: ٣٢، فإن يوسف عليه السّلام ليس طرفا (- ٦- الموسوعة القرآنية- ج ٣)