وأما قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات فى يومين بعد خلق الأرض.
وأما قوله: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها يقول: جعل فيها جبلا وجعل فيها نهرا وجعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا.
وأما قوله: كانَ اللَّهُ فإن اللَّه كان ولم يزل كذلك، وهو كذلك عزيز حكيم عليم قدير لم يزل كذلك، فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك، وإن اللَّه لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب به الذى أراد. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
وللاختلاف أسباب:
أحدها: وقوع المخبر به على أحوال مختلفة وتطورات شتى، كقوله فى خلق آدم من تراب، ومرة من حمأ مسنون، ومرة من طين لازب، ومرة من صلصال كالفخار، فهذه الألفاظ مختلفة ومعانيها فى أحوال مختلفة، لأن الصلصال غير الحمأ، والحمأ غير التراب، إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر، وهو التراب، ومن التراب درجت هذه الأحوال.
وكقوله: فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ، وفى موضع: تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ والجانّ: الصغير من الحيات، والثعبان الكبير منها، وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم، واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته.
فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ مع قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ.
فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل. والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوّات من شرائع الدين وفروعه، وحمله غيره على اختلاف الأماكن، لأن فى القيامة مواقف كثيرة، ففى موضع يسألون، وفى آخر لا يسألون.