وبدأ شغلهم بما هو متلو أو يعادله، وأخذ الرسم يملى برسمه، ويقومه الحفظ، فى فترة لم يكن الصحابة فيها أبعدوا كثيرا عن فترة نزول القرآن.
وما كانت الأمة العربية عهد كتابة الوحى أمة عريقة فى الكتابة، وما كان كتاب النبى إلا صورة من العصر البادىء فى الكتابة، ولم تكن الكتابة العربية على حالها اليوم من التجويد والكمال إملاء ورسما. ونظرة فى رسم المصحف، وما يحمل من صور إملائية تخالف ما استقر عليه الوضع الإملائى أخيرا، تكشف لك عما كان العرب عليه إملاء، وعما أصبحنا عليه نحن إملاء.
وقد لا يفوتك أن الخط العربى، عصر كتابة الوحى إلى أيام عبد الملك بن مروان، لم يكن عرف النقط المميز للحروف فى صورته الأخيرة، كما لم يكن عرف شكل الكلمات، وبقى المصحف المرسوم ينقصه الشكل وعاش يحميه حفظ الحفاظ من اللحن.
وللسلف والخلف فى مرسوم المصحف آراء نجملها فيما يلى:
يقول السلف: إن الخط ثلاثة أقسام:
١- خط يتبع به الاقتداء اللفى، وهو رسم المصحف.
٢- خط جرى على ما أثبته اللفظ وإسقاط ما حذفه، وهو خط العروض، فيكتبون التنوين ويحذفون همزة الوصل.
٣- خط جرى على العادة المعروفة، وهو الذى يتكلم عليه النحو.
ويقول ابن درستويه: خطان لا يقاس عليهما: خط المصحف. وخط تقطيع العروض.
ويقول الفراء: إتباع المصحف، إذا وجدت له وجها من كلام العرب وقراءة القرآن، أحب إلى من خلافه.
ويقول الشيخ عز الدين عبد السلام: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع فى تغيير من الجهال، ولكن لا ينبغى إجراء