لصحة نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم بين وأوضح الأمر فى عجزهم، بأن كرر ذكر القصة فى مواضع إعلاما بأنهم أعجز عن الإتيان بمثله بأى نظم جاءوا، وأى عبارة عبروا.
(٧) إنه لما سحر العرب بالقرآن، قال تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ البقرة: ٢٣، وقال فى موضع آخر: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ هود: ١٣، فلو ذكر قصة آدم مثلا فى موضع واحد واكتفى بها لقال العربى بما قال الله تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ: ائتونا أنتم بسورة من مثله، فأنزلها سبحانه فى تعداد السور دفعا لحجتهم من كل وجه.
(٨) إن القصة الواحدة من هذه القصص، كقصة موسى مع فرعون، وإن ظن أنها لا تغاير الأخرى، فقد يوجد فى ألفاظها زيادة ونقصان وتقدم وتأخر، وتلك حال المعانى الواقعة بحسب تلك الألفاظ، فإن كل واحدة لا بد وأن تخالف نظيرتها من نوع معنى زائد منها، لا يوقف عليه إلا منها دون غيرها، فكأن الله تعالى فرق ذكر ما دار بينهما وجعله أجزاء، ثم قسم تلك الأجزاء على تارات، لتكرار، لتوجد متفرقة فيها، ولو جمعت تلك القصص فى موضع واحد لأشبهت ما وجد الأمر عليه فى الكتب المتقدمة من انفراد كل قصة منها بموضع، كما وقع فى القرآن بالنسبة ليوسف عليه السلام خاصة.
(٩) إن التكرار فيها مع سائر الألفاظ لم يوقع فى اللفظ هجنة، ولا أحدث مللا، فباين بذلك كلام المخلوقين.
(١٠) إنه ألبسها زيادة ونقصانا وتقديما وتأخيرا ليخرج بذلك الكلام أن تكون ألفاظه واحدة بأعيانها، فيكون شيئا معادا، فنزهه عن ذلك بهذه التغييرات.
(١١) إن المعانى التى اشتملت عليها القصة الواحدة من هذه القصص متفرقة