حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات، جبب وأردية، فى جمال رجال بنى الحارث بن كعب، وقد حانت صلاتهم، فقاموا فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فصلوا إلى المشرق.
فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو حارثة بن علقمة، والعاقب عبد المسيح، والأيهم السيد، وهم من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف من أمرهم، يقولون: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون:
هو ثالث ثلاثة. وكذلك قول النصرانية.
فلما كلمه الحبران، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلما. قالا:
قد أسلمنا. قال: إنكما لم تسلما فأسلما. قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك. قال:
كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير. قالا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهما.
فأنزل الله تعالى فى ذلك من قولهم، واختلاف أمرهم كله، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها.
ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمر من ملاعنتهم، دعاهم إلى ذلك.
فقالوا له: يا أبا القاسم، دعنا ننظر فى أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوننا إليه. فانصرفوا عنه، ثم حلوا بالعاقب- وكان ذا رأيهم- فقالوا:
يا عبد المسيح، ماذا ترى؟ فقال: يا معشر النصارى، لقد عرفتم أن محمدا لنبى