للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرهم أن نوحا كان عبدا شكورا، وهم ذريته، والولد سر أبيه، فيجب أن يكونوا شاكرين كأبيهم، إذ يجب أن يسيروا سيرته فيشكروا.

(ب) أولا تكون معطوفة وهذه لا بد فيها من قراءن معنوية تؤذن بالربط، وكما كان العطف مزجا لفظيّا، فهذا مزج معنوى، ينزل الثانية من الأولى منزلة جزئها الثانى، وله أسباب:

أحدهما: التنظير، وإلحاق النظير بالنظير أولى بالأسلوب الحكيم.

ومنه قوله تعالى: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ الأنفال: ٥، فلقد جاء بعقب قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، فإن الله سبحانه أمر رسوله أن يمضى لأمره فى الغنائم على كره من أصحابه، كما مضى لأمره فى خروجه من بيته لطلب العير وهم كارهون، وذلك أنهم اختلفوا يوم بدر فى الأنفال، وحاجوا النبى صلّى الله عليه وسلم وجادلوه، فكره كثير منهم ما كان من فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى النفل، فأنزل الله هذه الآية، وأنفذ أمره بها، وأمرهم أن يتقوا الله ويطيعوه، ولا يعترضوا عليه فيما يفعله من شىء ما، بعد أن كانوا مؤمنين، ووصف المؤمنين، ثم قال تعالى:

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يريد أن كراهتهم لما فعلته من الغنائم ككراهيتهم للخروج معك.

وقيل: الكاف صفة لفعل مضمر، وتأويله، افعل فى الأنفال كما فعلت فى الخروج إلى بدر، وإن كره القوم ذلك.

الثانى: المضادة، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ.. البقرة: ٦، فإن أول السورة كان حديثا عن القرآن الكريم، وأن من شأنه كيت وكيت، وأنه لا يهدى القوم الذين من صفاتهم كيت وكيت، فرجع إلى الحديث عن المؤمنين، فلما أكمله عقب بما هو حديث عن الكفار، فبينهما جامع، وهى بالتضاد

<<  <  ج: ص:  >  >>