للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاشم، وإن خرجتم معنا، أن هواكم لمع محمد، فرجع طالب إلى مكانه مع من رجع.

ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادى، وبعث الله السماء، وكان الوادى دهسا، فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض، ولم يمنعهم عن السير، وأصاب قريش منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء، حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به.

ثم إن الحباب بن المنذر بن الجموح قال: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله، ليس لنا أن تتقدمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأى والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأى والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم، فنزله، ثم نغور ماوراءه من القلب، ثم نبنى عليه حوضا، فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأى. فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقلب فغورت، وبنى حوضا على القليب الذى نزل عليه، فملىء ماء، ثم قذفوا فيه الآنية.

ثم إن سعد بن معاذ قال: يا نبى الله، ألا نبنى لك عريشا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا، كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا، فقد تخلف عنك أقوام- يا نبى الله- ما نحن بأشد لك حبّا منهم، ولو خلنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، يناصحونك ويجاهدون

<<  <  ج: ص:  >  >>