قليلا أو ينقصون، ولكن أمهلونى حتى أنظر: أللقوم كمين أو مدد؟ فضرب فى الوادى حتى أبعده، فلم ير شيئا، فرجع إليهم فقال: ما وجدت شيئا، ولكنى قد رأيت، يا معشر قريش، البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم، فما خير العيش بعد ذلك؟
فروا رأيكم.
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى فى الناس، فأتى عتبة بن ربيعة، فقال:
يا أبا الوليد، إنك كبير قريش وسيدها، والمطاع فيها، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟ قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمى. قال: قد فعلت، أنت على بذلك، إنما هو حليفى، فعلى عقله وما أصيب من ماله، فأت ابن الحنظلية فإنى لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره. ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا، فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر فى وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذاك الذى أردتم، وإن كان غير ذلك ألقاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون.
قال حكيم: فانطلقت حتى جئت أبا جهل، فوجدته قد نثل درعا له من جرابها- فهو يهيئها- فقلت له: يا أبا الحكم، إن عتبة أرسلنى إليك بكذا وكذا، للذى قال، فقال: انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه، كلا والله لا ترجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأى