وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش، الحيسمان بن عبد الله الخزاعى، فقالوا: ما وراءك؟ قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم ابن هشام، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وأبو البخترى بن هشام. فلما جعل يعدد أشراف قريش قال صفوان بن أمية، وهو قاعد فى الحجر: والله إن يعقل هذا، فاسألوه عنى. فقالوا: ما فعل صفوان ابن أمية؟ قال: ها هو ذاك جالسا فى الحجر، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا.
ويقول أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه، ويكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق فى قومه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر، فبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش، كبته الله وأخزاه، ووجدنا فى أنفسنا قوة وعزّا.
ويقول أبو رافع: وكنت رجلا ضعيفا، وكنت أعمل الأقداح، أنحتها فى حجرة زمزم، فو الله إنى لجالس أنحت أقداحى، وعندى أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر، حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهرى، فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب قد قدم. فقال له أبو لهب: هلم إلى، فعندك لعمرى الخبر. فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يابن أخى، أخبرنى كيف