للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يرفع «نكذب» و «نكون» على القطع، فلا يدخلان فى التمني وتقديره: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، ونحن نكون من المؤمنين، رددنا أو لم نرد، كما حكى سيبويه: دعنى ولا أعود، بالرفع أي:

وأنا لا أعود، تركتنى أو لم تتركنى.

فأما من نصب الفعلين، فعلى جواب التمني لأن التمني غير واجب، فيكون الفعلان داخلين فى التمني، كالأول من وجهى الرفع والنصب، بإضمار «أن» حملا على مصدر «نرد» ، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا، فتعطف الواو مصدرا على مصدر تقديره: يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب، وكونا من المؤمنين.

فأما من رفع «نكذب» ونصب «ونكون» ، فإنه رفع «نكذب» على أحد الوجهين الأولين: إما أن يكون داخلا فى التمني فيكون كمعنى النصب، أو يكون وقع على الثبات والإيجاب كما تقدم أي: ولا نكذب، رددنا أو لم نرد، ونصب «يكون» على جواب التمني على ما تقدم، فيكون داخلا فى التمني.

٢٨- بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «وإنّهم لكاذبون» : دل على تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنوه لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب فى الخبر.

وقال بعض أهل النظر: الكذب لا يجوز وقوعه فى الآخرة، إنما يجوز وقوعه فى الدنيا، وتأويل قوله تعالى «وإنهم لكاذبون» أي: كاذبون فى الدنيا، فى تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث، فيكون ذلك خطابه، للحال التي كانوا عليها فى الدنيا.

وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم فى الآخرة، لأنهم ادعوا أنهم لو ردوا لم يكذبوا بآيات الله، وأنهم يؤمنون، فعلم الله ما يكون لو كان كيف كان يكون وأنهم لو ردوا لم يؤمنوا وكذبوا بآيات الله، فأكذبهم الله فى دعواهم.

٣١- قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ «بغتة» : مصدر فى موضع الحال، ولا يقاس عليه عند سيبويه لو قلت: جاء زيد إسراعا، لم يجز.

«ما يزرون» : ما، نكرة فى موضع نصب ب «ساء» ، وفى «ساء» ضمير مرفوع تفسيره ما بعده، كنعم، وبئس.

وقيل: «ما» : فى موضع رفع ب «ساء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>