٢١- وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا ...
«وإذا أذقنا» : فيها معنى الشرط، ولا تعمل ولا تحتاج إلى جواب مجزوم إلا فى شعر، فإنه قد يقدر فى الجواب الجزم فى الشعر، فيعطف على معناه، فيجزم المعطوف على الجواب، كما قال:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب
فجزم «فنضارب» عطفا على موضع جواب «إذا» ، وهو «كان» وجوابها عند البصريين فى هذه الآية قوله «إذا لهم مكر» ، ف «إذا» جواب «إذا» تقديره عندهم: «مكروا» ، ومعناه: استهزءوا وكذبوا.
٢٣- فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من رفع «متاع» جعله خبرا للبغى، والظرف ملغى، وهو «على أنفسكم» ، و «على» : متعلقة بالبغي، ولا ضمير فى «على أنفسكم» ، لأنه ليس بخبر للابتداء.
ويجوز أن يرفع «متاع» على إضمار مبتدأ أي: ذلك متاع، أو: هو متاع، فيكون «على أنفسكم» خبر «بغيكم» ، ويكون فيه ضمير يعود على المبتدأ، و «على» : متعلقة بالاستقرار وبالثبات، أو نحوه تقديره:
إنما بغيكم ثابت، أو مستقر، على أنفسكم، هو متاع الحياة الدنيا.
فإذا جعلت «على أنفسكم» خبرا عن «البغي» كان معناه: إنما بغيكم راجع عليكم مثل قوله:
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ١٧٢: ٨ وإن جعلت «متاعا» خبرا ل «البغي» كان معناه: إنما بغى بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا مثل قوله:
(فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ٢٤: ٦١ وقد قرأ حفص عن عاصم «متاع الحياة» ، بالنصب، جعل على «أنفسكم» متعلقا ب «بغيكم» ، ورفع «البغي» بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: إنما بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا مذموم أو منهى عنه أو مكروه، ونحوه، وحسن الحذف الطول الكلام.
ولا يحسن أن يكون «على أنفسكم» الخبر لأن «متاع الحياة» داخل فى الصلة، فنفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء، وذلك لا يجوز، فلا بد من تقدير حرف الجر، إلا أن تنصب «متاع الحياة» بإضمار فعل، على تقدير: يمتعون متاع أو يبغون متاع فيجوز أن يكون «على أنفسكم» الخبر، ثم نصب «متاع» ، جعله مفعولا من أجله تعدى إليه «البغي» ، واضمر الخبر على ما ذكرنا و «على» : متعلقة بالاستقرار، أو نحوه،