الأول: ما، فى موضع رفع بالابتداء، وهو استفهام معناه التقرير، و «ذا» بمعنى: الذي، وهو خبر «ما» ، و «أنزل ربكم» : صلة «ذا» ، ومع «أنزل» هاء محذوفة تعود على «ذا» تقديره: ما الذي أنزله ربكم.
ولما كان السؤال مرفوعا جرى الجواب على ذلك، فرفع «أساطير الأولين» على الابتداء والخبر أيضا تقديره:
قالوا هو أساطير الأولين.
وأما الثاني: ف «ما» ، و «ذا» اسم واحد فى موضع نصب ب «أنزل» ، و «ما» : استفهام أيضا، ولما كان السؤال منصوبا جرى الجواب على ذلك، فقال: قالوا خيرا أي: أنزل خيرا.
وما بعد «الفاء» يستأنف ويبعد النصب فيه على جواب «كن» لأن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر عن قدرة الله، إذ ليس ثم مأمور بأن يفعل شيئا فالمعنى: فإنما يقال كن فهو يكون.
ومثله فى لفظ الأمر، قوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب فلما كان معنى «كن» : الخبر، بعد أن يكون «فيكون» جوابا له، فنصب على ذلك وبعد أيضا من جهة أخرى وذلك أن جواب الأمر إنما جزم لأنه فى معنى الشرط، فإذا قلت: قم أكرمك جزمت الجواب لأنه بمعنى: إن تقم أكرمك وكذلك إذا قلت ت: قم فأكرمك إنما نصبت لأنه فى معنى: إن تقم فأكرمك.
وهذا إنما يكون أبدا فى فعلين مختلفى اللفظ، أو مختلفى الفاعلين، فإن اتفقا فى اللفظ، والفاعل واحد،