للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهورون وغيرهم من أهل الشذوذ على إضافة «شر» إلى «ما» ، وذلك يدل على خلقه للشر. وقد فارق عمرو ابن عبيد رئيس المعتزلة جماعة المسلمين فقال: «من شر ما خلق» ، بالتنوين، وهذا يثبت أن مع الله تعالى خالقين يخلقون الشر، وهذا إلحاد، والصحيح أن الله جل وعز أعلمنا أنه خلق الشر وأمر أن نتعوذ منه به، فإذا خلق الشر، وهو خالق الخير بلا اختلاف، دل ذلك على أنه خلق أعمال العباد كلها من خير وشر، فيجب أن تكون «ما» والفعل مصدرا، فيكون معنى الكلام: أنه تعالى عم جميع الأشياء، أنها مخلوقة له، فقال: والله خلقكم وعملكم.

وقد قالت المعتزلة: إن «ما» بمعنى «الذي» ، فرارا من أن يقروا بعموم الخلق، وإنما أخبر، على قولهم: أنه خلقهم وخلق الأشياء التي نحتت منها الأصنام، وبقية الأعمال والحركات غير داخلة فى خلق الله تعالى الله الله عن ذلك، بل كلّ من خلقه لا إله إلا هو، لا خالق إلا هو، وخلق الله إبليس، الذي هو الشر كله، يدل على خلق الله لجميع الأشياء، وقد قال تعالى ذكره: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) ٣٥: ٣، وقال: (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ١٣: ١٦ ويجوز أن يكون «ما» استفهاما، فى موضع نصب ب «تعملون» ، على التحقير لعلمهم، والتصغير له.

١٠٢- فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى ...

«فانظر ماذا ترى» : من فتح «التاء» من «ترى» ، فهو من الرأى، وليس من: نظر العين، لأنه لم يأمره برؤية شىء، إنما أمره أن يدبر رأيه فيما أمر به فيه ولا يحسن أن يكون «ترى» من العين، لأنه يحتاج أن يتعدى إلى مفعولين، وليس فى الكلام غير واحد، وهو «ماذا» ، تجعلها اسما واحدا فى موضع نصب ب «ترى» .

وإن شئت جعلت «ما» ابتداء، استفهاما، و «ذا» بمعنى: الذي، خبر الابتداء، وترفع «ترى» على «هاء» تعود على «الذي» ، وتحذفها من الصلة، ولا يحسن عمل «ترى» فى «ذا» ، وهى بمعنى «الذي» لأن الصلة لا تعمل فى الموصول.

ومن قرأ بضم التاء وكسر الراء، فهو أيضا من الرأى، لكنه نقل بالهمزة إلى الرباعي، فحقه أن يتعدى إلى مفعولين، بمنزلة: أعطى، ولكن لك أن تقتصر على أحدهما فتقديره: ماذا ترينا، «نا» : المفعول الأول، و «ماذا» الثاني، لكن حذف الأول اقتصارا على الثاني، كأعطى، تقول: أعطيت درهما، ولا يذكر المعطى له» .

<<  <  ج: ص:  >  >>