للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح أبنيتهم. فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جماعتهم، دعا حذيفة بن اليمان، فبعثه إليهم، لينظر ما فعل القوم ليلا.

قال حذيفة: فذهبت فدخلت فى القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء. فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذى كان إلى جنبى، فقلت: من أنت؟ قال: فلان ابن فلان.

ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذى نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإنى مرتحل. ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه، فوثب به على ثلاث، فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى «أن لا تحدث شيئا حتى تأتينى» ثم شئت لقتلته بسهم.

قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلى فى مرط لبعض نسائه، مراجل، فلما رآنى أدخلنى إلى رجليه، وطرح علىّ طرف المرط، ثم ركع وسجد، وإنى لقيه، فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.

ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون، ووضعوا السلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>