رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك جبريل، بعث إلى بنى قريظة يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب فى قلوبهم.
ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى قريظة نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم، يقال لها: بئرأنىّ.
وتلاحق به الناس، فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة، ولم يصلوا العصر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يصلينّ أحد العصر إلا ببنى قريظة» ، فشغلهم ما لم يكن منه بد فى حربهم، وأبوا أن يصلوا، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«حتى تأتوا بنى قريظة» فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة،
فما عابهم الله بذلك فى كتابه، ولا عنفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار وقذف الله فى قلوبهم الرعب.
وقد كان حيى بن أخطب دخل مع بنى قريظة فى حصنهم، حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه. فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب بن أسد لهم: يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنى عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم، قالوا: وما هى؟
قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فو الله لقد تبين لكم إنه لنبى مرسل، وإنه للذى تجدونه فى كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره قال:
فإذا أبيتم على هذه، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف، لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد،