ابن أمية بن عبد شمس على مكة، أميرا على من تخلف عنه من الناس، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه يريد لقاء هوازن.
ويقول جابر: لما استقبلنا وادى حنين انحدرنا فى واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنما ننحدر فيه انحدارا، فى عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادى، فكمنوا لنا فى شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، واستمر الناس راجعين، لا يلوى أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: أين أيها الناس؟ هلموا لى، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله.
فانطلق الناس، إلا أنه قد بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، فلما انهزم الناس، ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما فى أنفسهم من الضغن.
ويقول العباس بن عبد المطلب: إنى لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء، وكنت امرأ جسما شديد الصوت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، حين رأى ما رأى من الناس: أين أيها الناس؟ فلم أر الناس يلوون على شىء، فقال: يا عباس، اصرخ، يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السمرة! فأجابوا: لبيك! لبيك! قال: فيذهب الرجل ليثنى بعيره، فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه، فيقذفها فى عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلى سبيله، فيؤم الصوت، حتى ينتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة، استقبلوا الناس