فلقى ابن يامين بن عمير بن كعب النضرى، أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب، وعبد الله بن مغفل، وهما يبكيان، قال: ما يبكيكما؟ قالا: جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه، فأعطاهما ناضحا له، فارتحلاه، وزودهما شيئا من تمر، فخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجاءه المعذرون من الأعراب، فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله تعالى.
واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصارى، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أبى، فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب.
وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب، رضوان الله عليه، على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون، وقالوا:
ما خلفه إلا استثقالا له، وتخففا منه، فلما قال ذلك المنافقون
أخذ على بن أبى طالب، رضوان الله عليه، سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف، فقال: يا نبى الله، زعم المنافقون أنك إنما خلفتنى أنك استثقلتنى وتخففت منى، فقال: كذبوا، ولكننى خلفتك لما تركت ورائى، فارجع فاخلفنى فى أهلى وأهلك، أفلا ترضى يا على أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبى بعدى، فرجع على إلى المدينة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره.