ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته، فخرج أصحابه فى طلبها، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه، يقال له: عمارة بن حزم، وكان عقبيّا بدريّا، وهو عم بنى عمرو بن حزم، وكان فى رحله زيد بن اللصيت القينقاعى، وكان منافقا. فقال زيد بن اللصيت، وهو فى رحل عمارة، وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أليس محمد يزعم أنه نبى، ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدرى أين ناقته؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمارة عنده: إن رجلا قال: هذا محمد يخبركم أنه نبى، ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء، وهو لا يدرى أين ناقته؟ وإنى والله ما أعلم إلا ما علمنى الله، وقد دلنى الله عليها، وهى فى هذا الوادى، فى شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتونى بها.
فذهبوا، فجاءوا بها. فرجع عمارة بن حزم إلى رحله، فقال: والله لعجب من شىء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا، عن مقالة قائل أخبره الله عند بكذا وكذا، للذى قال زيد بن اللصيت. فقال رجل ممن كان فى رحل عمارة، ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتى. فأقبل عمارة على زيد يضرب فى عنقه ويقول: إلى عباد الله، إن فى رحلى لداهية وما أشعر! اخرج أى عدو الله من رحلى، فلا تصحبنى.
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول: دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يا رسول