للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعراج، أكان بالجسد أم كان بالروح، واختلافهم دليل على أنه ليس ثمة قول قاطع، وعندى أن الخير فى مثل هذه تقبل الصورة على إجمالها، فنحن ملزمون بالتصديق بالإسراء والمعراج وأنهما وقعا حقّا، ولكنا غير ملزمين أن نؤمن بالصورة التى وقعا بها، ما دمنا لا نجد أثرا يملى إملاء صريحا، وثمة حقائق دينية منها هذه، يجب أن نقف عند مدلولها ولا نناقش صورها، وأى شىء يعنى المؤمن عن الرسول فى هذه إلا أن يصدق بأنه أسرى به، وأنه مع هذا الإسراء فرضت الصلاة، وأين نفوسنا وما تملك من نفوس الرسل وما تملك، وأين بصائرنا وما تحوز من بصائر الرسل وما تحوز، ثم أين مكان المغمور فى حمأة المادة من مكان السابح فى شفافية المعنويات.

لقد أسرى بالرسول، وعرج به، ما فى ذلك شك، ولقد فرضت الصلاة فى تلك الليلة، ما فى ذلك شك، بهدا حدثنا الرسول ونطق القرآن. ولو شاءا تفصيلا لزادا، ولكنهما أعطيانا مانعى وما يعنينا وحجبا عنا ما بعد ذلك.

ولعل نظرة المشركين للإسراء يناقشون صورته التى وقع بها هى التى حفزت المسلمين بعد إلى أن يكدوا أنفسهم فى هذا الخلاف، وليست صورة الوحى تبعد كثيرا عن صورة الإسراء، ومن آمن بالأولى يؤمن بالثانية، فكما اتصل محمد بربه فى تلك اتصل محمد بربه فى هذه، وكما تلقى محمد عن ربه فى الأولى تلقى محمد عن ربه فى الثانية.

وحين ازداد المشركون إيذاء ازداد الرسول تعرضا للقبائل يعرض عليها ما نزل عليه من السماء، وبينما هو عند العقبة قريبا من مكة لقى نفرا من

<<  <  ج: ص:  >  >>