للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى ذى الحجة من السنة العاشرة للهجرة حج الرسول بالمسلمين حجة الوداع وفيها خطب الناس خطبته البلقاء التى رسم للناس فيها الحدود وذكرهم بمعالم الدين، وفيها ودع الناس وكأنه يحس أنه ملاق ربه.

وفى أواخر صفر من السنة الحادية عشر للهجرة أخذ المرض رسول الله ولبث مريضا أياما، يقدرها بعضهم بسبعة أيام ويقدرها بعضهم بثلاثة عشر يوما.

وفى يوم الاثنين الثانى عشر من ربيع الأول من تلك السنة- أعنى السنة الحادية عشرة للهجرة- قبض رسول الله عن ثلاث وستين سنة قمرية.

وكانت أعوام بعثته، منذ بعثه الله إلى أن قبضه إليه، نحوا من ثلاثة وعشرين عاما، قضى أكثرها وما يزيد على نصفها فى مكة تسانده زوجته خديجة إلى أن ماتت قبل الهجرة إلى المدينة بنحو من أعوام ثلاثة.

وفى المدينة عاش الرسول نحوا من أحد عشر عاما وقعت فيها الغزوات كلها، والسرايا والبعوث كلها، وعلى الصحيح فى تسع منها، لأن أول بعث كان فى السنة الثانية من الهجرة. ولقد علمت من قبل أن مجموع تلك الحروب كانت نحوا من خمس وستين، لتعلم هنا أن نصيب كل عام من تلك الأعوام من هذه الحروب بلغ السبع، أى أنه صلى الله عليه وسلم كان له فى كل شهر تدبير جيش ولقاء عدو، هذا إلى تلك التشريعات الكثيرة التى وضعها عن أمر ربه والحدود التى بينها بوحى من ربه، ثم ما بين هذا وذاك من لقاء وفود ولقاء أفراد، وكتب إلى الملوك والأمراء، وقيام بأمور المسلمين جميعا، وما كان أكثرها.

ترى فى ظل هذا كله كيف كان الرسول يفرغ لشأنه، وكم من ساعات

<<  <  ج: ص:  >  >>