من قال فيهم: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ومنهم من قال لفظه خبر، ومعناه أمر، وقيل يأمن الاصطلام وقيل آمن فى حكم اللَّه، وذلك كقولك: هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ أي فى حكم اللَّه، والمعنى لا يجب أن يقتص منه ولا يقتل فيه إلا أن يخرج وعلى هذه الوجوه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وقال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وقوله:
أَمَنَةً نُعاساً، أي أمنا وقيل هى جمع كالكتبة. وفى حديث نزول المسيح:
وتقع الأمنة فى الأرض، وقوله تعالى: ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ أي منزلة الذي فيه أمنه. وآمن إنما يقال على وجهين أحدهما متعديا بنفسه يقال آمنته أي جعلت له الأمن ومنه قيل للَّه مؤمن، والثاني غير متعد ومعناه صار ذا أمن. والإيمان يستعمل تارة اسما للشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام وعلى ذلك:
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ويوصف به كل من دخل فى شريعته مقرا باللَّه وبنبوته، قيل وعلى هذا قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وتارة يستعمل على سبيل المدح ويراد به إذعان النفس للحق على سبيل التصديق وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، وعلى هذا قوله: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ويقال لكل واحد من الاعتقاد والقول الصدق والعمل الصالح إيمان قال تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أي صلاتكم وجعل الحياء وإماطة الأذى من الإيمان قال تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ قيل معناه بمصدق لنا، إلا أن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ فذلك مذكور على سبيل الذم لهم وأنه قد حصل لهم الأمن بما لا يقع به الأمن إذ ليس من شأن القلب ما لم يكن مطبوعا عليه أن يطمئن إلى الباطل وإنما ذلك كقوله تعالى: مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وهذا كما يقال إيمانه الكفر وتحيته الضرب ونحو ذلك. وجعل النبي عليه الصلاة والسلام أصل الإيمان ستة أشياء فى خبر جبريل حيث سأله فقال ما الإيمان، والخبر معروف. ويقال رجل أمنة وأمنة يثق بكل أحد وأمين وأمان يؤمن به، والأمون الناقة يؤمن فتورها وعثورها.
(آمين) : يقال بالمد والقصر، وهو اسم للفعل نحو صه ومه. قال