وقد يقال الجبر تارة فى الإصلاح المجرد نحو قول على- رضى الله عنه-:
يا جابر كل كسير، ويا مسهل كل عسير. ومنه قولهم للخبز: جابر ابن حبة.
وتارة فى القهر المجرد نحو
قوله عليه السلام:«لا جبر ولا تفويض»
. والجبر فى الحساب إلحاق شىء به إصلاحا لما يريد إصلاحه وسمى السلطان جبرا كقول الشاعر:
وأنعم صباحا أيها الجبر
لقهره الناس على ما يريده أو لإصلاح أمورهم، والإجبار فى الأصل حمل الغير على أن يجبر الآخر لكن تعورف فى الإكراه المجرد فقيل أجبرته على كذا كقولك أكرهته، وسمى الذين يدعون أن الله تعالى يكره العباد على المعاصي فى تعارف المتكلمين مجبرة وفى قوله المتقدمين جبريّة وجبريّة. والجبار فى صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها وهذا لا يقال إلا على طريق الذم كقوله عز وجل: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وقوله تعالى:
وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا وقوله عز وجل: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وقوله عز وجل: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ أي متعال عن قبول الحق والإيمان له. ويقال للقاهر غيره جبار نحو: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ولتصور القهر بالعلو على الأقران قيل نخلة جبارة وناقة جبارة وما
روى فى الخبر: ضرس الكافر فى النار مثل أحد وكثافة جلده أربعون ذراعا بذراع الجبار
، فقد قال ابن قتيبة هو الذراع المنسوب إلى الملك الذي يقال له ذراع الشاة. فأما فى وصفه تعالى نحو: الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ فقد قيل سمى بذلك من قولهم جبرت الفقير لأنه هو الذي يجبر الناس بفائض نعمه وقيل لأنه يجبر الناس أي يقهرهم على ما يريده ودفع بعض أهل اللغة ذلك من حيث اللفظ فقال لا يقال من أفعلت فعال فجبار لا يبنى من أجبرت، فأجيب عنه بأن ذلك من لفظ (جبر) المروي فى
قوله لا جبر ولا تفويض
، لا من لفظ الإجبار. وأنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حيث المعنى فقالوا يتعالى الله عن ذلك، وليس ذلك بمنكر فإن الله تعالى قد أجبر الناس على، أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية لا على ما تتوهمه الغواة الجهلة وذلك كإكراههم على المرض والموت والبعث، وسخر كلا منهم لصناعة